احذروا معاشر الموظفين من الغيبة دائماً وفي كل وقت وخاصة في مؤسساتكم وفي بعضكم أو في رؤسائكم فإنها محرمة بإجماع المسلمين وقد تظاهرت الأدلة من الكتاب والسنة على تحريمها وشناعتها ويكفي هذا التصوير القرآني العجيب : ” أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه ” تصور عندما تهم بالغيبة تصور أكل لحم أخ لك أو بشراً ميتاً . سبحان الله إن البعض لا يستطيع أن ينظر مجرد نظر للميت فكيف بأكل
لحمه ، فاتقوا الله فالأمر خطير ولا يلبس عليكم الشيطان ، فتقولون : إن ما نقول فيه حق ، هذه نسمعها كثير ، إذا قيل له اتق الله ، قال : والله يا أخي ما قلت فيه إلا حق ، فإن هذه هي عين الغيبة ، فإن حقيقة الغيبة كما قال صلى الله عليه وسلم : (( ذكرك أخاك بما يكره )) قال الراوي : أفرأيت إن كان ما في أخي ما أقول ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : (( إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه فقد بهتـه )) كما في صحيح مسلم ، فلا مناص ، إذن فالأمر لا يخرج من غيبة وهو أشد منها وهو البهتان والظلم ، فليس خطأ رئيسكم أو تعامله معكم بسوء خلق بمسوغ لغيبته والتحدث عنه بما يكره ، ثم تأملوا حال المغتابين في الآخرة ، فعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم )) كما عند أبي داود ، وأحمد.

وأشد من هذا من وقع بعرض أخيه وزميله أو رئيسه بمجرد حرص الرئيس أو المسؤول على الجدية وتطبيق الأنظمة لتضمن حق الجميع ، فيكثر التقول عليه والافتراء و القيل والقال ، بدل أن يشكر ويشهر ويثني عليه ويدعى له ، فإن أمثال هؤلاء صمام الأمان للمجتمع من سعار النفعيين الذين لا همّ لهم إلا مصالحهم وأنفسهم ، حتى وإن كانت لا ترضي الله ، أو ستضر بالآخرين ، فلنتقي الله ولنـزن الرجال والأعمال بميـزان الشرع والصالح العام ، وليس بميـزان الهوى والمصالح الشخصية .
وأخيراً : إليك أخي الموظف أربعين همسة إدارية سريعة خاصة بالحريصين على الترقي والتطوير . وأسردها سرداً بدون ترقيم .

رتب أولياتك الأهم في الأهم ، اسأل نفسك هل أنت منتج في العمل أم منتظم في الدوام فالفرق بينهما كبير ، عامل المراجع المستفيد من الخدمة كزبون يجب إرضاءه والمحافظة عليه ، انصت جيداً إلى من يحدثك ولا تكتفي بالاستماع فقط ، وازن بين عملك وعلاقاتك الأخرى وخاصة الأسرية ، تعلم فن إدارة الأفراد ، وضع نفسك مكان المرؤوس أو المراجع قبل اتخاذ أي قرار ، إذا واجهتك رياح الغييـر فلا تجاهلها ولا تجابهها انحني لها أو سايسها ، انظر إلى من هم أقل منك في المستوى عندما تقارن مستوى الرواتب ، وتذكر أن القناعة كنـز لا يفنى ، انظر إلى من هم أفضل منك عندما تقارن المجهود فالأجر على قدر المشقة ، قيم إنتاجك وعلاقاتك بالآخرين بشكل دوري وركز على تغطية جوانب الضعف وتفعيل لجوانب القوة ، اهتم بالتدريب والتثقيف والقراءة والإطلاع ، وتأكد أن هذا استثمار مستقبلي لك ولعملك ، احذر من الشبهات بجميع أنواعها حقيقة كانت أو شكلية ، الشعور بالانتماء إلى المؤسسة التي تعمل فيها من أهم وسائل نجاحك في العمل ، راقب أدائك ذاتياً وكن قدوة للآخرين ، استخدم التقرية متى كان ذلك ممكناً ، اهتم بالمعلومات المرتدة من الزملاء والعاملين والرؤساء والمراجعين فهي التقييم الحقيقي لأدائك لا تغضب منها ، رفع الصوت وتعقيد الأمور لا يعني بالضرورة قوة الشخصية ، الوقت من ذهب والدقيقة التي تذهب لا تعود مرة أخرى ، استثمارك لوقتك دليل على جديتك ، تعلم الإبداع في العمل فهو يضفي للعمل متعة وللنفس بهجة وللترقية وجاهة ، الابتسامة تصنع المعجزات ولكنها لا تكفي ادعمها بالقيام بعملك على الوجه الصحيح ، قلل من الوعود وركز على الإنجاز ، شجع المراجعين والعملاء ليخبروك عن أخطائك وتقصيرك ، اظهر الاحترام للناس ، كن لطيفاً أهتم بالمظهر ليزين المخبر ، التوفير لا يكون بأن تقلل المصروفات بل الصرف على الوجه المطلوب بالطريقة المناسبة ، عامل الموظفين كما لو كانوا شركاء ، أحسن الضن بالآخرين حتى يثبت العكس ، قدم الفعل على طلب الأجرة ، النظام مهم ولكن أنجاز الأعمال أهم ، فوض صلاحياتك للآخرين وادعمهم ، اصنع قادة واعلم أنها لو بقيت لغيرك ما وصلت إليك ، إذا لم تساهم في التطوير ستكشف أنك خارج المؤسسة ، احترم الآخرين مهما اختلفت معهم ، لا تغـتر بالمظاهر ، ركز على الأداء ، راقب الآخرين وتعلم منهم حتى لو كانوا أقل منك درجة ، ثق بالآخرين مالياً ولكن ضع نظاماً دقيقاً له ، اهتم بالتنظيم قبل بدأ العمل وخلاله وفي كل وقت ، اعرف نفسك جيداً ولا تعطيها أكبر من حجمها، وإن استطعت فأخـتر العمل الذي يتلا يم مع قدراتك ، تعلم العمل من خلال فريق عمل فالمجموعة تصنع أضعاف ما يصنعه الأفراد ، وتذكر أن واحد + واحد قد = خمسة ، تعلم فنون الاستقبال والتوديع وفنون العرض والخطابة والإلقاء فهي التي تصنع النجوم ، اهتم بتكوين علاقات اجتماعية وغير رسمية مع زملائك في العمل واسال عن أحوالهم .

أخيراً : معاشر الموظفين والموظفات ، إن التزام كل موظف ومسؤول بعمله وقيامه بواجبة بأمانة وإخلاص ومراقبة للخالق لا المخلوق له آثار كبيرة ليس على الفرد فقط ، بل وعلى المجتمع والدولة ، فالفرد سعيد مطمئن القلب مرتاح لقيامه بعمله وإتقانه لم يرِ في مكتبه أو وظيفته ما يشين ، يشعر أنه قدم شيئاً ، أنه أنتج وشارك في البناء ، أرضى ربه وحصل على الأجر ، وقضى حوائج الناس وكسب قلوبهم فأحبوه وشكروه ، والسنتهم تلهج إليه بالدعاء في الصباح والمساء ، فهو إذن في سعادة وأي سعادة ، ولك أن تتصور حال المجتمع فذاك موظف وأنا موظف وأنت موظف وكلنا محتاج للآخر ولكنا جلسنا لخدمة الناس وقضاء مصالحهم ، إذن فنحن متحابون متعاونون ينصح بعضنا بعضاً ويعذر بعضنا بعضاً وهكذا يصبح مجتمعاً متماسكاً متحاباً يكمل كل منهما الآخر ، وتسير أمورهم ومصالحهم بكل سهولة ونظام ، وهنا يكون التفوق والتقدم للأمة يسود فيها الاحترام والنظام فتكون في الصدارة وليس ذلك والله ببعيد ، متى وقف كل واحد منّا مع نفسه بصدق وشعر أنه هو الذي بيده عز هذه الأمة وسيادتها ورجوعها إلى الصدارة .
اللهم اجعلنا من الأمناء الأقوياء ، السعداء الأتقياء ، وجنبنا الخيانة الموجبة للشقاء ، وأعنا على حمل الأمانة في وظائفنا ، اللهم اجعلنا في وظائفنا مفاتيح للخير مغاليق للشر ، وارزقنا الرفق واللين بالمرجعين ، اللهم أهدنا لأحسن الأخلاق ، ولا يهدي لأحسنها إلا أنت ، واصرف عنا سيئها ، لا يصرف عنا سيئها إلا أنت ، اللهم اعن الموظفين والموظفات ، اللهم اعنهم على أعمالهم ، اللهم وفقهم وبارك لهم في أموالهم ، اللهم يسر لهم أمورهم وبارك بأموالهم وأولادهم ، وارزقهم السعادة في الدنيا والآخرة ، اللهم أصلح فساد قلوبنا وأرحم ضعفنا وحسّن أخلاقنا ، اللهم إنا لأنفسنا ظالمون ومن كثرة ذنوبنا خائفون ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت يا أرحم الراحمين ، فأغفر لنا أنك أنت الغفور الرحيم ، اللهم انصر المسلمين المستضعفين في كل مكان ، اللهم انصرهم نصرك المؤزر ، اللهم كن عوناً لهم برحمتك يا أرحم الراحمين ، اللهم أجمع كلمتهم وسدد رميهم وألف بين قلوبهم ، اللهم انتقم لهم من الظالمين ، اللهم عليك بأعداء الدين ، اللهم أضرب الظالمين بالظالمين وخالف بين قلوبهم ، اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك يا قوي يا عزيز ، اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ من شرورهم ، اللهم أكفنا هم بما شئت إنك على كل شيء قدير ، اللهم انصر جندك وكتابك وسنة نبيك وعبادك الصالحين ، اللهم أعلي كلمة الحق في كل مكان ، اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين في كل مكان يا رب العالمين ، اللهم أصلح ولاة أمورنا خاصة ووفقهم لما تحبه وترضاه وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة وأعنهم لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين ، وأجمع كلمتهم على التوحيد والقرآن ووفق بين قلوبهم وقلوب رعيتهم على التوحيد والقرآن ، إنك على كل شيء قدير . اللهم اشفي مرضانا وجميع مرضى المسلمين وأرفع عنهم البلاء برحمتك يا أرحم الراحمين .