تعتبر المؤتمرات أو الاجتماعات أحد الوسائل المتحضرة لمعالجة قضايا أو مشكلات محلية أو إقليمية أو دولية وتبادل المعلومات بشأنها، وإصدار القرارات أو التوصيات اللازمة، وقد تطورت صناعة المؤتمرات والاجتماعات تطوراً كبير في السنوات الأخيرة وبصفة خاصة المؤتمرات الدولية، ولقد أدى ذلك إلى أن أصبحت تلك الصناعة على درجة عالية من الرقي، ونتيجة التطور في صناعة المؤتمرات الدولية فقد أدى ذلك إلى تطور فكر مراسم المؤتمرات الدولية والاهتمام به باعتباره أحد الركائز الأساسية التي تقوم عليها نجاح المؤتمر.
ويجب على رجل المراسم قبل إعداد المراسم الواجب تطبيقها خلال المؤتمر الدولي الإجابة على مجموعة التساؤلات التالية: لماذا يعقد المؤتمر؟، وما هي السلطات المخولة لهذا المؤتمر؟،من سيحضر المؤتمر؟ كيف ومتى؟ ما هي المستندات؟
وتتشكل الوفود إلى المؤتمرات الكبرى سواء كانت هذه المؤتمرات تعالج موضوعات سياسية أو اقتصادية أو فنية أو علمية.. إلخ من رئيس لوفد الدولة، ويكون لرئيس الوفد حق التحدث باسم الدولة وأعضاء الوفد المصاحب له، وسنزكر في هذا الفصل على مراسم الجلسة الافتتاحية للمؤتمرات الدولية على اعتبار أن جميع فصول الجزء الثاني من هذا المؤلف تعالج وتكمل موضوع مراسم المؤتمرات الدولية وذلك على النحو التالي:
جرى العرف الدولي في بعض المؤتمرات أو الاجتماعات الدولية الهامة أن يحدد عدد أعضاء كل وفد من الوفود المشاركة.
يتوقف عدد أعضاء وفود الدول في المؤتمرات العادية على قدر النتائج التي ترغب كل دولة في تحقيقها.
يجتمع أعضاء وفود الدول المشاركة في المؤتمر لأول مرة في جلسة يطلق عليها “الجلسة الافتتاحية للمؤتمر” ويتولى رئاسة الجلسة الافتتاحية عادة شخصية كبيرة من الدولة التي وجهت الدعوة إلى المؤتمر أو شخصية كبيرة من الدولة صاحبة المشكلة موضوع المؤتمر، وقد يوضع المؤتمر أو الاجتماع الدولي تحت رعاية رئيس الدولة المضيفة، وفي بعض الحالات وفقاً لأهمية المؤتمر فقد يلقى رئيس الدولة المضيفة كلمة تتضمن الترحيب بالوفود، والتمنيات لهم بالتوفيق في أعمالهم، وغالباً ما تكون كلمة مجاملة، وقد ينيب رئيس الدولة عنه من يتولى قراءة كلمته.
جرى العرف الدولي في بعض المؤتمرات الدولية الكبرى أن يختار وفد الدولة المضيفة من بين رؤساء الوفود شخصاً ليكون عميد السن للمؤتمر (أكبر أعضاء الوفود سناً)، ويجلس بجوار رئيس الشرف للمؤتمر في جلسته الافتتاحية، ويقوم بإلقاء كلمة الشكر نيابة عن الوفود، ثم يقترح على رؤساء وأعضاء المؤتمر اختيار إحدى الشخصيات المرموقة لمنصب الرئاسة، وعادة يتم اختياره من الدولة المضيفة، وهذا الإجراء المراسمي غالباً ما يتم الاتفاق عليه قبل انعقاد المؤتمر.
بعد أن يوافق رؤساء الوفود والأعضاء على اسم رئيس المؤتمر – وتكون الموافقة غالباً بالتصفيق – ينتقل رئيس المؤتمر الذي تمت الموافقة على رئاسته للمؤتمر، ويتولى إدارة الجلسة الافتتاحية لانتخاب رؤساء الوفود نائب أو أكثر لرئيس المؤتمر من بين ممثلي الدول أعضاء المؤتمر، ويدعوهم معه على المنصة، كما يتم انتخاب مقرراً لجلسات المؤتمر، إن كان هذا الإجراء ليس غالباً في كل المؤتمرات الدولية.
يتولى رئيس المؤتمر أو نائبه – في حالة غيابه- افتتاح جلسات المؤتمر، وإدارتها وفضها حتى نهاية أعمال المؤتمر.
غالباً تكون جلسات المؤتمرات الدولية علنية إلا إذا قرر رئيس المؤتمر بعد موافقة أغلبية الأعضاء عقد جلسات غير علنية يقتصر حضورها على رؤساء الوفود والأعضاء فقط وتسمى الجلسة في هذه الحالة اجتماع مغلق.
يستعرض رئيس المؤتمر في أو جلسة جدول الأعمال المؤقت الذي تم إعداده بمعرفة السكرتارية الدائمة للجمعية الدولية أو الاتحاد الدولي الداعي أو الدولة صاحبة المؤتمر أو الدولة الداعية إلى عقد المؤتمر، وقد يتفق عليه أو يدخل عليه أعضاء المؤتمر من خلال رئيسه بعض التعديلات، وبشرط ألا تمس هذه التعديلات جوهر موضوع المؤتمر، وعندما تتم الموافقة على بنود جدول الأعمال من رؤساء الوفود والوفود المشاركة يصبح جدولاً نهائياً لأعمال المؤتمر.
قد يحث في بعض المؤتمرات الدولية الكبرى وبصفة خاصة المؤتمرات السياسية أن يجتمع مندوبو الدول العظمى لبحث موضوعات معينة فيختلفون على ترتيب موضوعات جدول الأعمال، وقد تستغرق الموافقة النهائية على هذا الجدول عدة جلسات حتى يتم تقريب وجهات النظر.
يبدأ المؤتمر ببحث مشروع لائحة إجراءاته الداخلية التي سيسير عليها في المناقشة واتخاذ التوصيات أو القرارات إذا كان المؤتمر ينعقد في أو دورة له، وعندما يقرر رؤساء وأعضاء الوفود هذه اللائحة يطلق عليها لائحة الإجراءات الداخلية.
إذا كان جدول أعمال المؤتمر يشتمل على موضوعات متنوعة، فلتسهيل عمل المؤتمر ولسرعة الإنجاز يتم تشكيل لجان، وهذه اللجان قد تشكل لجان فرعية إذا كان الموضوع يستدعي بحث أمور فنية متخصصة ومعقدة، ويعين أعضاء المؤتمر رؤساء الوفود رئيساً لكل لجنة أو لجنة فرعية، وتختار كل لجنة تم تعينها مقرراً لها من بين الأعضاء فيها يتولى عرض تقرير اللجنة وتوصياتها على رؤساء وأعضاء المؤتمر خلال جلساته العامة، وقد يوافق المؤتمر العام على تقرير اللجنة وتوصياتها أو يعدلها أو يعيد التقرير إلى اللجنة لاستكمال بعض الأمور والعرض مرة أخرى.
جرى العرف الدولي أن يكون التصويت عادة على التوصيات أو القرارات سواء بالقبول أو الرفض برفع الأيدي، ويتولى رئيس المؤتمر عملية عد الأصوات، وإعلان النتيجة، ويعتبر مبدأ الأغلبية المطلقة هو المبدأ الغالب في عملية عد الأصوات، وغالباً ينص في اللائحة الداخلية للمؤتمر على طريقة التصويت على القرارات.
بالنسبة للمؤتمرات الفنية أو العلمية يقدم أعضاء الوفود أو بعضهم وقبل انعقاد المؤتمر بوقت مناسب أبحاثاً تعرض قبل المؤتمر على لجان خاصة للنظر في قبولها أو رفضها فإذا قبلت هذه الأبحاث تعرض على المؤتمر في جلساته لمناقشتها واتخاذ التوصيات المناسبة لكل منها.
بعد انتهاء أعمال المؤتمر بوقتٍ قصير يصدر عن المؤتمر تقريراً ويتضمن هذا التقرير نتائج وتوصيات المؤتمر التي تم إقرارها.
تعتبر جميع قرارات المؤتمرات الدولية توصيات غير ملزمة لحكومات الدول المشاركة في أعمال المؤتمر والوصول إلى نص معاهدة أو اتفاقية دولية أو قرار يلزم حكومات الدول المشاركة في المؤتمر يقدم رئيس الوفد وثيقة تفويض صادرة من رئيس دولته أو وزير خارجيتها ينص فيها على تفويضه حق الاشتراك في جلسات المؤتمر، والتحدث باسم حكومته والتوقيع على الاتفاقية ووثائقها الرسمية، و قد يكون هذا التفويض متضمناً التحفظ بشرط القبول اللاحق، أو بشرط التصديق وإلى أن تتولى الدولة التصديق على الوثيقة وفقاً لدستورها.