فعندما تريد شراء حذاء ما , فعند متجر الأحذية تواجه مشكلة و هي تعدد أنواع الأحذية بأحجام و أشكال و أسعار مختلفة متباينة, فعند الرغبة في الشراء يقوم عقلك بإجراء تفكير بواسطة لغتك سواءً كانت لغتك الأم التي رضعتها و أنت طفل أو اللغة الثانية التي أكتسبتها من بيئتك و مجتمعك, هذه اللغة تتألف من كلمات ترمز الى معاني متضادة فأنت تقول كبير و صغير و أبيض و أسود و غالي و رخيص, هذا التضاد يجعل عقلك يجري مقارنة بين الأحذية فهذا حذاء كبير أكبر من قدمي و هذا حذاء صغير أصغر من قدمي و هذا حذاء غالي ليس معي ثمنه و هذا حذاء رخيص معي ثمنه, فهذه الاقتراحات التي يطرحها عقلك هي بمثابة اللغة التي تنبع من التفكير الذي يجريه الإنسان بعقله.
إذن فمتى يفكر الإنسان ؟
أنت تفكر عند إتخاذ قرار يخص حياتك و قضاياك, و أنت تفكر عند محاولة معرفة الأسباب وراء حدوث مشكلة في حياتك أو عندما تحاول الدخول الى عالم الإنتاج و الابتكار و خلق أشياء جديدة لم تكن موجوده من قبل و انت تفكر عند إجراء بحث و تحقيق و تقصي حقائق, و انت تفكر عند السؤال عن قضية الوجود و المصير. فأنت في الحقيقة تجري تفكير في هذه النواحي كلها و تستخدم لغتك لعرض الاحتمالات و الاقتراحات و الافتراضات حتى تصل الى نتيجة سليمة و مقنعة و مرضية في ذات الوقت.
و من هذا المنطلق لتعلم لغة كالإنجليزية ينبغي أن تطور مهارة التفكير بهذه اللغة , فما أن تنطلق بتدريب ذاتك تدريباً يبدأ بسيطا ً بطيئاً كتدرب الطفل على اللغة الى قدرة و انطلاق اللسان و سلاسة القول و كأنها لغتك الأم. هذا التدرب يلزمك بالصبر و الاصطبار و الجد و المثابرة و الكفاح من أجل الوصول الى غاية واحدة فقط و هي الإتقان و التمكن.

اللغة شعور
حقيقة هذا الشعور هو أنه تفاعل حي مع الكلمات التي ترمز الى الموجودات في حياة الإنسان. هذه الموجودات إما أن تنبع من صميم ذات الإنسان أو من صميم البيئة التي يعيش فيها هذا الإنسان. فاللغة تفاعل الإنسان مع نفسه أو مع إنسان آخر أو مع البيئة و محتويات هذه البيئة.
فهناك أسماء للإنسان و أفعال للإنسان و صفات تصف الإنسان و أحوال يقع فيها الإنسان وهناك أسماء للبيئة و أفعال للبيئة و صفات تصف البيئة و أحوال لهذه البيئة. فمن أسماء الإنسان أسماء أنواعه ومن أنواعه الأبيض و الأصفر و الأسود و الأحمر و العربي و الأفريقي و الأسيوي و الأمريكي و البريطاني.ومن أسماء الإنسان أسماء وظائفه فهناك الدكتور و المهندس و السائق و الزبال و الحاكم و المحكوم و العالم و المتعلم.و من أفعال الإنسان أنه يأكل و يشرب و يتنفس و يتزوج و يخالط و يسافر و يحب و يكره و يُعلم و يتعلم. و من صفات الإنسان أنه طويل و قصير و متين و نحيف و ذكي و بارع و غبي و أخرق. و من أحوال الإنسان أنه يقع في حالة غضب أو حالة خوف أو حالة قلق.
و من أسماء البيئة شارع و مركز و قرية و دولة و حاضرة و بادية و بركان و حيوان و نبات و سماء و أرض و نجم و كوكب و بحر و حيتان.و من أفعال البيئة أن الشمس تشرق و القمر يطلع و البركان ينفجر و الشجر يثمر و الأرض تنتج. و من صفات البيئة أن السماء زرقاء و العشب أخضر و الجو هادئ أو ممطر و الرياح شديدة الهبوب و الماء حار و الثلج بارد. و من أحوال البيئة حالة الليل و النهار و الصيف و الخريف و الشتاء و الربيع و إنفجار البراكين و زلزلة الزلازل و فيضان البحار.
هذه الكلمات التي ترمز الى الإنسان و بيئته هي أسماء كما قال الله تعالى عز و جل في كتابه الكريم (( و علّم آدم الأسماء كلها )).
فهذا الاسم هو ما دلّ على إنسان أو حيوان أو نبات أو جماد أو بلاد أو مكان أو زمان أو صفة أو فعل أو حالة أو شعور.
فأسماء الإنسان و الحيوان و النبات و الجماد و البلاد و المكان و الزمان و الأفعال هي أسماء محسوسة أي يمكنك إدراكها بالحواس الخمس و هي السمع و البصر و الشم و الذوق و اللمس أما أسماء الصفات و الحالات و المشاعر فهي أسماء مجردة لا تدرك إلا بالعقل.
و هذا الفعل هو في حقيقته أنه إسم على فعل يفعل. هذا الفعل هو الرابط بين أسماء الأشياء فمثلاً أنت تقول/ أحمد أكل التفاحة/ تلاحظ أن أحمد و التفاحة هي أسماء لأشياء محسوسة و أن الرابط بين أحمد و التفاحة هو فعل الفعل و الذي يرمز أليه الفعل أكل.
و الصفات أسماء لوصف الأشياء و الحروف أسماء لوصف المكان و الزمان فأنت تقول/ وضعت القلم على الطاولة/ فحرف /على/ متعلق بفعل وضع فتقول أين وضعت القلم؟فترد و تقول / على الطاولة/ فأنت بذلك حددت المكان.

الحالة الإدراكية للكلمة
عندما تدرك كلمة و التي هي رموز صوتية أو كتابية لمدلول أو مقصود المتحدث بالكلمة, فهذا الإدراك له ثلاثة أحوال و هي:
1. حالة الشيء
2. حالة الفعل
3. حالة الشعور
و المقصود بحالة الكلمة هي حالة الإدراك أو الحالة ألإدراكية التي تنبع الكلمة منها. فحالة الشيء تنبع الكلمة من الشيء حيث له هيئة و صفة تميز هذا الشيء فمثلاً كلمة جبل, هيئة هذا الجبل أنه جسم حجري مرتفع عن الأرض متلون بألوان مثل الأبيض و الأصفر و البني و الأحمر و الأخضر و الأسود, هذه هي هيئة هذا الشيء و التي أعبر عنها بالحالة الإدراكية للكلمة.
أيضاً من أحوال الكلمة حالة الفعل و هي عملية فعلية يقوم بها الشيء قد يكون هذا الشيء الإنسان أو الحيوان أو النبات أو الجماد. و الفعل ثلاثة أحوال هي:
1. فعل حركة
2. فعل حالة
3. فعل شعور
ففعل الحركة هو إحداث حركة معينة لها صفتها و هي نوعان حركة ذاتية و حركة تغير. الحركة الذاتية نابعة من ذات الشيء مثل يزدهر ينمو يكبر يصغر يطول يمتن ينحف يثقل. و حركة تغير و هي إحداث تغيير في حركة الشيء مثل يمشي يجري يأكل يفتح يمسح يفجر يذهب يأتي يقتل يسرق يهجم.
أما فعل الشعور فهو نابع من شعور الإنسان مثل يحب يكره يشعر يحس يخاف يقلق يمقت يبغض يسخر يحتقر يحقد يشتاق يعشق يحلم يأمل يتألم يتلذذ يتمتع يسعد يُسعد يفرح يحزن يفهم يزعج يدرك يتصور يرعب.
أما فعل الحالة فهو نابع من حالة ليست بحركة و لا شعور مثل يتزوج يُزوج يقرن يقبل يندد يدين يتهم يشتم يقول يسأل يرد يجيب يمثل يرمز يقيل يستقيل يبقى يعطي يأخذ.
و عندما نقول فعل حركة أي حدوث تغير و إضطراب و عندما نقول فعل شعور فهو إنفعال وجداني, و عندما نقول فعل حالة فهو ليس فيه حركة أو إنفعال وجداني.
أما حالة الشعور فهي نابعة من شعور الإنسان و كل الأسماء فيها مجردة مثل حب كره خوف رعب ذعر حزن فرح سعادة شقاء تعاسة إزعاج وجد عشق كرامة جمال إنبهار مروءة شهامة حياء تواضع كبر غطرسة جحود نكران.
فعند قراءة أو سماع كلمة إنجليزية لأول مرة لا تقوم بربطها فوراً بالكلمة المقابلة لها في العربية و لكن إربطها بصورتها بحالتها الإدراكية التي من خلالها تدركها إدراكاً تاماً و هذا يفسر لماذا لا نتذكر بعض الكلمات نهائياً بعد يوم أو يومين من سماع الكلمة أو قراءتها. سوف نتحدث عن هذا الموضوع فيما بعد.
إذن فلكل إسم حالة ينبع منها الأسم فخذ مثلاً حالة القتل. قضية القتل يشترك فيها قاتل و مقتول و فعل القتل . فالشخص الذي قتل أي قام بالفعل هو القاتل و الشخص الذي وقع عليه الفعل هو المقتول و فعل القتل قتل أو يقتل حسب الزمن. هذه هي مكونات حالة القتل أما صفة القتل فهي أن القاتل هجم على المقتول و في يده سكين أو ما شابه ذلك و طعن المقتول في مكان الطعن في صدره أو ظهره فهذه هي تفاصيل ما حدث و هو القتل أو حالة القتل.
هذه الحالة إما أن ترى بالعين المجردة أو تسمع بالأذن, ففي حالة الرؤية بالعين يقوم المخ بتخزين هذه الحالة أو الواقعة في صندوق الرؤية في الذاكرة. و في حالة السماع يقوم المخ بتصور تصوراً ذهنياً أو صنع خيال في المخيلة ويتم تخزين هذه الصورة الذهنية أو هذا الخيال في صندوقها في الذاكرة.
و عند سماعها كخبر أو قراءتها يقوم المخ بإستدعاء حالة القتل و من ثم الشعور بها و لكن في القراءة يربط المخ بين الحالة و الكلمة التي ترمز الى هذه الحالة. و عند التحدث بها أو كتابتها يقوم المخ بإستدعاء حالة القتل و من ثم التفكير بها و لكن في الكتابة يربط المخ بين الحالة و الكلمة التي تدل عليها و هي هنا حالة القتل و كلمة قتل أو يقتل.
إذن في أثناء الاستماع و القراءة يشعر الإنسان بما حدث عن طريق تكوين صورة ذهنية لما حدث. و في أثناء التحدث و الكتابة يفكر الإنسان بما حدث عن طريق حوار يجريه في داخله بواسطة أسئلة هي مفاتيح التفكير و من ثم محاولة الإجابة على هذه الأسئلة .