ليفكر كل موظف ومسؤول في حاله إذا عزل أو أحيل عن وظيفته أو أحيل على التقاعد ، وقد أشار النبي إلى هذا المصيـر ، بقوله : (( إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة ، فنعمة المرضعة وبئست الفاطمة )) كما في صحيح البخاري ، فالمتولي لمناصب المسؤولية ومنها الإدارة والإمارة كالطفل الرضيع ينتفع بما يصل إليه من منافع وملذات ، فإذا عُزل أو تقاعد صار يتألم ويتحسر ويبكي كالطفل الذي يمنع من الرضاعة . فالسعيد من الموظفين والمسؤولين من نصح وأخلص ورفق بالناس ويسر وبشر فكأن بذلك جديراً برحمة الله وعفوه ورضاه ، ويكفي العاقل اللبيب هذا الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد من حديث أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ، قال : (( ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك إلا أتى الله عز وجل مغلولاً يوم القيامة يده إلى عنقه ، فكه بره أو اوبقه أثمه ، أولها ملامة ، وأوسطها ندامة ، وأخرها خزي يوم القيامة )) صححه الألباني ، قال : إسناده جيد رجاله كلهم ثقات .
ليس معنى هذا أن يتخلى الأخيار والثقات عن المسؤولية ، لا بل واجب عليهم أن يتحملوها إن لم يوجد غيرهم ، وأن يقوموا بها ولكن عليهم الاستعانة بالله عز وجل ، والصدق والحرص والدقة في الأمانة والحذر من ظلم الناس أو بخس حقوق الناس أو الانتفاع من هذه المكانة وهذه المسؤولية .
أيها الموظف الوقت الوقت :
أخي اتق الله في ساعات عملك واعلم أنها أمانة فإننا نرى ونسمع عن فئة لا تبالي بساعات الدوام ولا تحافظ عليه فتأتي متأخرة وتـخرج مبكرة ، وقد يخرج أثناء ساعات العمل لقضاء أعمال شخصية أو تجارية أو غيرها دون أن يحاسب نفسه أو حتى يبقى آثراً في نفسه ، وهذا أمر ملحوظ مشاهد مع الأسف ، فهل حقاً يجهل هؤلاء أن هذه الساعات ليست ملكاً له ؟ فهو أعطاها للمؤسسة أو للدولة بعقد وعهد مقابل مبلغ محدود ومعدود ، والدليل لو أنقص راتبه المتفق عليه ولو قليلاً تجده يسأل ويطالب وربما غضب وارتفع صوته لا يقر له قرار حتى يسترده كاملاً غير منقوص ، بينما نجده لا يحاسب نفسه إذا تأخر عن عمله ساعة أو ساعتين بل ربما غاب يوماً أو يومين دود عذر بل ربما تحايل على المسؤول بذكاء ليتخلص من مسائلته ، فتنبهوا معاشر الموظفين والموظفات لا يجوز لأحد أن يسرق من وقت الدوام ، نعم يسرق ، أن يسرق من وقت الدوام شيئاً ولو لدقائق إلا إن كان النظام الذي وضع لمصلحة الجميع يسمح بهذا ، ولنتعامل مع الله وليس مع الناس ولنحرص على الحلال ، وأنك لتعجب من يتغيبون أياماً خاصة ممن يعملون ويترددون في الجهات النائية كبعض المدارس والمستوصفات وغيرها وبدون إشعار إدارته بذلك وربما كان غياب البعض أو تأخيره أكثر من حضوره ويستلمون الراتب كاملاً دون نقصان دون أي مبالاة أو محاسبة ، أو نظر أهذا المال كله حق له ، أهو حلال أم لا !! . يا لله ما أشد الناس تساهلاً في أكل المال دون محاسبة أو نظر ، ربما نشكوا بعد ذلك عدم البركة في أمولنا أو عدم السعادة بحياتنا ، أو عقوق أولادنا وبناتنا ، وننسى أن الله رقيب عليم وأنه كما ، قال عز وجل : ” ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ” ونغفل عن قول الحق عز وجل : ” إن ربك لبالمرصاد ” ولأننا بشر نخطيء ونصيب ونقصر ونغفل ، فإني أنصح في مثل هذا الحال أن يتحلل الموظف من بعض راتبه كل شهر يتصدق به لعله أن يكون كفارة لتقصيره وغفلته وليهنأ بـبركـته ، ومن تعمد سرقة شيء من وقت دوامه فلا يكفيه هذا بل لا بد من التوبة والاستغفار والندم والإقلاع والعزم على عدم تكرار ذلك . وكن أخي كن مباركاً في ساعات عملك تكن البركة في مرتبك ، والبعض من الموظفين يسألون عن الاستفادة من الوقت أثناء العمل بقراءة القرآن أو ركعتي الضحى أو غيرها من الأعمال الصالحة ، والضابط في هذا : القيام بالعمل المطلوب وإتقانه ، أما إذا كان مفرطاً أو سيؤثر ذلك على عمله فلا يجوز ذلك .
الاجازات وأخذ البدلات :
أيها الموظفون ، الاجازء الاضطرارية أي أن الإنسان مضطر إليها وليست للراحة والتمتع ، فلا يجوز لك شرعاً أن تطلبها تحت هذا المسمى وأنت غير مضطر لها ، وكذلك الأجازات المرضية لا يجوز لأحد استغلالها إلا المريض بحق ، ولا تمارضوا فتقتلوا ، وكم شكا الرؤساء والمدراء من تحايل الموظفين والموظفات والمعلمين والمعلمات بالاجازات المرضية والاضطرارية والاستثنائية ، ويكفي هنا أن ، أقول : أنكم تتعاملون مع الله الذي يعلم السر وأخفى واعلموا أنه لا يجوز أخذ البدلات إلا بحقها كبدل خارج الدوام مثلاً ، فإن كنت قد قمت بالعمل فعلاً وحضرت و إلا فلا تأخذ ذلك البدل حتى وإن سمح رئيس الإدارة أو سميت مكافئة كما يقول البعض فإن هذا ليس ملك له بل هو ملك عام للمسلمين لا يجوز أخذه إلا بالطرق الشرعية التي وضع من أجلها ، وإن الحلال بين والحرام بين ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب .