يعد الشعور بالرضا ..كما رأينا في الفصل الأول .. واحدا من المكونات الأساسية للسعادة
والشعور بالرضا .. هو نوع من التقدير الهادىء .. والتأمل .. لمدى حسن سير الأمور .. سواء الآن .. أو في الماضي
وهناك شعور بالرضا عن الحياة بوجه عام .. وعن العمل .. وعن وقت الفراغ .. وعن الزواج .. وعن المجالات الأخرى
وسنعرض الآن .. لعدد من النظريات الرئيسية.. التي وضعت لتفسير الاختلاف في الشعور بالرضا بين الناس :
تأثير الظروف الموضوعية على الشعور بالرضا :
رأينا في الفصل الثاني أن العلاقات الاجتماعية تمثل مصادر رئيسية للسعادة
ورأينا في الفصل الثالث أن العمل يمثل مصدرا للشعور بالرضا لمعظم الناس .. بينما تمثل البطالة مصدرا لعدم الرضا
ورأينا في الفصل الرابع أن نشاط وقت الفراغ يعتبر من المصادر الكبرى للشعور بالرضا
وهذه المجالات.. الثلاثة من مجالات الحياة ( الآخرون .. العمل .. وقت الفراغ ).. هي المجالات الثلاثة الأساسية ..للشعور بالرضا عن الحياة
ما من شك أن ظروف الحياة تؤثر على الشعور بالرضا .. فالأشخاص المستقرون في زواجهم .. ولديهم عمل مشوق .. وصحتهم جيدة .. الخ .. لاشك أنهم أكثر سعادة من الآخرين .. ولكن هذا ليس كل شيء .. فهناك الكثير من الشعور بالرضا المستمر .. من أنشطة ممتعة ولكنها لا ترتبط بإشباع للحاجات
خبرة الأحداث السارة :
إذا كان الشعور بالرضا لا يتأثر دوما بالظروف الموضوعية .. فربما كان يتأثر أيضا بخبرة الأحداث السارة .. والتي تولد مشاعر ايجابية
وقد تبين أن مجرد وضع الناس في حالة مزاجية حسنة .. يزيد من تعبيرهم عن الشعور بالرضا عن الحياة ككل
الطموح والإنجاز :
يكون الشعور بالرضا أكثر.. عندما تقترب الطموحات من الإنجازات .. ويكون أقل عندما تبتعد عنها
وتقوم الطموحات على المقارنة بالآخرين .. أو على خبرة الفرد الماضية
المقارنة مع الآخرين :
لكي تحدد ما إذا كان الفرد قصيرا أم طويلا .. لابد من عقد مقارنات مع الآخرين
وتعتمد كيفية إصدار الناس للأحكام .. أو التقديرات ..على فهمهم لمعنى الدرجات.. على مقاييس التقدير هذه
ويحتمل أن تكون التقديرات الذاتية للشعور بالرضا عن الحياة.. معتمدة على المقارنة مع الآخرين .. بينما يعتمد تقدير السعادة .. على الحالات المزاجية المباشرة
– ولكن مع من يختار المرء أن يقارن نفسه ؟
إن غالبية الناس يقارنون أجورهم بأجور الآخرين .. وخصوصا من يعملون في نفس المهنة
وتكون أكثر المقارنات وضوحا .. تلك التي تكون مع الجيران والأقارب .. أو زملاء الدراسة أو الجامعة السابقين
كذلك نجد أن الناس الذين هم موضوعين في ظروف غير مناسبة.. يستطيعون اكتشاف صفات فيهم يكونون متفوقين فيها على الآخرين .. فمرضى الشلل يرون أن العقل أهم من القوة العضلية .. وهذه المقارنات تؤدى إلى زيادة تقدير الذات .. وان كان من المحتمل أن تؤدى إلى زيادة الفجوة بين ما هو منجز وما هو مستحق .. أي يزيد الشعور بالظلم
وتبين العديد من الدراسات .. أن الناس تحت الظروف الشاقة .. يكون لديهم تأثير منخفض للذات .. لذلك يقارنون أنفسهم بمن هم أقل مكانة منهم .. بينما يمكن أن يكون وجود أفراد أكثر نجاحا .. مصدرا لعدم الشعور بالرضا وعدم الراحة .. وهناك من الأدلة ما يشير إلى أن اعتقاد كبار السن بأن الآخرين يعيشون في ظروف سيئة .. يشعرهم بشيء من البهجة
وربما كانت هناك مزايا لتعرض الفرد لطفولة تعسة
التكيف :
الحكم على المنبهات المختلفة.. بالمقارنة بالمنبهات التي خبرناها في الماضي .. فقد تكون نفس الأحداث ..مصدرا للألم..أو اللذة بناء على مستوى التكيف السابق
والتكيف عملية تجرى باستمرار .. والناس عموما.. قادرون على التعود على أي شيء
والتكيف يستغرق بعض الوقت.. إلى أن تستقر الحال
وان كان هناك اعتراض على هذه النظرية .. يتمثل في أن بعض الناس سعداء جدا .. وبعضهم شديدو الاكتئاب .. فلماذا إذن لم يحدث التكيف ؟
النظر إلى الجوانب المشرقة :
يدعى معظم الناس أنهم راضون جدا .. وأنهم اسعد من الآخرين .. وربما كانوا لا يذكرون الحقيقة ..أو أنهم لا يواجهونها.. وقد يكون السبب في ذلك ..هو هروب الناس.. من الحالات المزاجية السيئة
خلاصة :
للظروف الموضوعية تأثير ضئيل على الشعور بالرضا عن الحياة
تخلق الأحداث السارة حالات مزاجية ايجابية .. كما تزيد من الشعور بالرضا عن الحياة
يحدث التكيف مع أي ظروف خاصة .. ولكن في حدود
الفجوة بين الطموح والإنجاز .. تعدل من تأثير الإشباع الحقيقي للحاجات .. رغم أن هذا قد لا ينطبق على الاشباعات البيولوجية .. مثل الجنس مثلا